Assafir -
03/05/2002
سعدي خياط
المدير اللامع
حولته الحرب شيخ صلح
لم
يكن المربي سعدي خياط يعلم ان السنوات
الخمس التي قرر ان يمضيها في التعليم في
بداية حياته ستمتد وتطول لتتعدى
الأربعين سنة، وان المهنة التي كان يراها
مؤقتة بالنسبة له ستتحول الى رسالة سامية
سيحافظ عليها ويرفض عروضا مغرية من أجلها.
ليقضي بذلك حياته في حقل التربية
والتعليم استاذا وناظرا ومن ثم مديرا مع
شريكة حياته المربية نهى التي عملت معه
في نفس المدرسة التي تولى إدارتها على
مدار 26 عاما...
ولم يكتف المربي خياط بالتعليم الرسمي بل
عمل مع مجموعة من أبناء طرابلس على تأسيس
ثانوية روضة الفيحاء من خلال جمعية مكارم
الأخلاق الإسلامية التي ينتسب اليها وقد
تولى الاشراف التربوي عليها وتسلّم مهام
أمانة السر في مجلس أمنائها، وبعد ان
أنهى خدماته التربوية الرسمية تم
اختياره مديرا عاما لها فمارس مهامه في
هذا المنصب لمدة سنة واحدة، وما زال حتى
الآن مرجعا تربويا لها وللعديد من
المدارس والمؤسسات التربوية في الشمال.
بدأ المربي خياط مسيرته التعليمية عام 1953
بعد تخرجه من كلية التربية في الجامعة
اللبنانية والتحق بثانوية طرابلس
الرسمية للبنين في منطقة الحدادين في
اسواق المدينة القديمة كأستاذ في مواد
التاريخ والجغرافيا والتربية، وعمل خلال
14 سنة على تعليم أبناء تلك المنطقة
الشعبية وقام بنسج علاقات مع جميع
الأهالي ما تزال قائمة حتى الآن. ثم بات
ناظرا في نفس الثانوية التي تحوّلت فيما
بعد الى ثانوية الحدادين مع انتقال
ثانوية طرابلس الى منطقة الملعب البلدي.
وتولى إدارتها منذ عام 1967 وحتى عام 1993 أي
ما يقارب ال26 عاما حفلت بمصاعب كبيرة
وبمخاطر أكبر نتيجة الحرب اللبنانية
والاحداث التي شهدتها طرابلس وانعكست
سلبا على مختلف مؤسساتها وخصوصا
الثانويات الرسمية الأمر الذي زاد من
مسؤوليات المربي خياط فتحوّل الى <<شيخ
صلح>> حافظ على الثانوية وطلابها ونجح
في نزع فتيل الصراعات الحزبية
والمواجهات بين التيارات المختلفة بفضل
شخصيته القوية وحنكته وحكمته التي فرضت
هيبة واحتراما على جميع الطلاب وحوّلت
ثانوية الحدادين في تلك الحقبة الى منزل
كبير يضم عائلة واحدة...
كما ابتكر المربي خياط مع مجموعة من
النظار امثال المربين: شاكر مولوي، عبد
الله البابا، ابراهيم زهرة والمرحومين
حسن دندشي وعبد اللطيف عياش سلسلة نشاطات
لا صفية لاستيعاب الطلاب وشغلهم عما يدور
في البلاد من احداث. فقام بتنشيط الدورات
الرياضية على اختلافها اثناء الدوام
وبعده، وافسح المجال أمام الأعمال
المسرحية والفنية والموسيقية ما دفع
بالطلاب الى تأليف بعض المسرحيات
باللغتين العربية والفرنسية. كذلك فقد
اطلق مشروع صندوق اسعاف الطلاب الذي كان
يُغذى من رواتب الأساتذة ويهدف الى
مساعدة الطلاب المحتاجين في شراء الكتب
والثياب والى مكافأة الطلاب المتفوقين
في شتى المجالات.
ولا شك ان تلك النشاطات قد ساهمت بسحب
أكثرية الطلاب من احضان المنظمات
والميليشيات التي كانت تسعى لتجنيدهم في
صفوفها، الى العمل الثقافي والتربوي
والرياضي والاجتماعي.
غسان ريفي